لن أفوز في المسابقة - بقلم عبد الرحيم شراك

 لن أفوز في المسابقة - قصة قصيرة بقلم عبد الرحيم شراك

لن أفوز في المسابقة - قصة قصيرة بقلم عبد الرحيم شراك


لم أتصور أبدا أنني سأشرع في تحطيم حلمي الأزلي بنفسي، و أنني سأتنازل بسهولة عن أمنيتي الثمينة بأن أصبح رساما محترفا في المستقبل القريب. لكن هذا ما حصل بالفعل أيها السادة الكرام !

حين سمعت بأمر المسابقة في المدرسة طرت فرحا، لاسيما أن الجائزة ستكون مبلغا محترما من المال ! إنه يكفيني لشراء الكثير من الأشياء التي كنت أريدها، رغم أن والدي لا يدخران جهدا في سبيل إسعادي و تلبية كل رغباتي !  ففي النهاية أنا أنتمي لأسرة ميسورة الحال.

صحيح أن والدي يشجعاني باستمرار كي أحقق حلمي، و كل المحيطين بي تعجبهم لوحاتي و يطالبونني دائما بالمزيد منها. لكن أصابعي قررت هذه المرة أن تخذلني  حين هممت برسم اللوحة و لم تشأ أن تمسك بالفرشاة جيدا ، كما لم تستطع أن ترسم و لو خطا مائلا كأنها أصيبت بنسيان ذاكرة حاد.

لم أتساءل في داخلي عن السبب لكوني أثق في أصابعي دوما، فقررت الانصياع لأمرها بهدوء والرضوخ لما أرادته بكل استسلام. بعد عدة محاولات بائسة قامت برسم قلب صغير في وسط ورقة الرسم لم أدرك مغزاه و لا الجدوى من رسمه بتلك الطريقة ! عرفت حينها أنني لن أفوز أبدا في هذه المسابقة !

مضت الأيام بسرعة كمر السحاب و حان وقت إعلان نتائج المسابقة في مدرستنا ، لم أستغرب البتة من كمية الانتقادات التي طالت لوحتي العادية جدا أو كما سماها  أحد الحكام بالسخيفة أو الأبسط من البساطة. لم أندهش أيضا من كلمات أًساتذتي و أًصدقائي الذين صدموا من هول ما رأوا، فقد أمطروني بوابل من العتابات. لا أنسى أيضا بكاء والدتي و غضب أبي مما شاهداه فقد قالا لي: هل هذا مستواك المعتاد ؟ قلب صغير في وسط لوحة بيضاء فارغة ! ما  الذي أصابك ؟

بدوت أمامهم كبرتقالة عفنة ، آثرت الصمت وسط كل تلك الكلمات التي سمعتها ، لم أشأ أن أرد في تلك اللحظات كعادتي .فقد كنت أتابع بانتباه لحظات تكريم ياسر منافسي اللدود و الذي احتل المركز الأول في مسابقة الرسم. كان مبتهجا جدا لأنها المرة الأولى التي يحتل فيها هذا المركز بعد أن كنت أستولي عليه في كل المسابقات الماضية. صافحته بقوة و باركت له فوزه الثمين رغم اندهاشه بالمستوى المتدني لمنافسه الشرس.

بعدما رأيت ياسر يشتري الملابس لإخوته الصغار، ثم يملأ سلته بالخضر و الفواكه ليقدمها لأمه لم أستغرب ! كما أعطاها هدية لأنها تعمل بجد من أجلهم منذ وفاة والدهم. شكرت أصابعي على قرارها الصائب، فقد اتخذته بمعية قلبي و عقلي و باقي أعضاء جسمي ربما. لقد عرفت الإجابة الشافية عن كل تساؤلاتي السابقة و عرفت لماذا  لم أفز في هذه المسابقة !


تعليقات