أوراق صداقتنا
ما زلت مندهشا من هول ما رأيته للتو و ما زال قلبي ينبض
بشدة ! لقد تبعثرت أوراق صداقتنا على الأرض في لمح
البصر و اتسخت هناك بعدما كانت بيضاء صافية كالثلج. لم أشعر بنفسي إلا و أنا أهرول
محاولا جمعها رغم كثرة عددها، لكنّ الصدمة كانت أقوى عندما لم يساعدني حسام في
ذلك. بل ذهب فجأة و اختفى من أمامي !
بذلت كل جهدي حتّى جمعت الأوراق كلّها بسرعة، فاحتضنتها
بكل ما أملك من قوة و كأنه الاحتضان الأخير. أحسست بشعور غريب آنذاك، ثم أخذتها
بيديَ برفق.و رغم سعادتي الكبيرة بإنجازي فقد تمنيت لو ساعدني صديقي حسام في حملها
كما كان يفعل عادة من قبل. لكنني توقعت أن لديه عملا ما أو ظروفا خاصة، فهل يُعقل
أن يتركني صديقي في وقت الشّدة؟
نهضت حاملا الأوراق بمفردي و قررت الذهاب للمنزل. حاولت
البقاء متفائلا و كلما تمشيت بضع خطوات ، كنت ألتفت للوراء علّني أجد صديقي مسرعا
لمساعدتي . لكنني استمريت وحيدا في طريقي و كان كل همّي حمايتها من الأمطار التي بدأت
تتساقط بهدوء و كأنها تشاركني أحزاني.يبدو أن الجو أصبح
أبرد مما كان عليه من قبل، أشعر بالحنين للدفء. بدأت يداي ترتجفان و لم تعودا
قادرتين على حمل كل تلك الأوراق. كما أن بعضها بدأ يبتل بسبب الأمطار المتساقطة.
أين أنت يا حسام لتساعدني في حمل أوراق صداقتنا ؟ لماذا تركتني أسير كل هذه
المسافة بمفردي ؟ فأنا لا أستطيع الاستمرار وحدي.
لم تفارق صورته خيالي أبدا ، كما أجزم أنني كنت أراها في
برك الماء التي ملأت الطريق . ما زلت أتذكر لحظة سقوط الأوراق على الأرض. هل حاول
فعلا حسام رميها أم كان ذلك بدون قصد ؟ لا أدري لماذا أحاول أن أتناسى ذلك المشهد ؟ أحس بألم كبير في قلبي و كأنني تعرّضت
لطعنة في صدري.
لم تعد الأوراق خفيفة كما كانت من قبل، فقد تسرّب الماء
إلى معظمها. أصبح الجو قارس البرودة وبدأ التعب يتسلل إلى داخل جسمي ، و لم أجد
حلا آخر غير الارتماء على الأرض. لم أعد
أحتمل أكثر يا حسام، يجب أن أترك هذه الأوراق.سيل من الدموع بدأ يجري على وجهي، و
لا يريد أن يتوقف. ما أصعب التخلص من هذه الأوراق ! فهي دافئة بشكل مؤلم. حاولت التأمل فيها قبل أن أودّعها لكنني فوجئت بيد تُربّت على
كتفي،هل جاء حسام أخيرا ؟
نظرت للشخص الذي جاء إليّ فاذا به زميلي أسامة ، نظر إلي
مبتسما ثم قال لي: قم يا سعد ! سأحمل معك الأوراق في الطريق فلديّ مظلة
تحمينا من الأمطار.
تعليقات
إرسال تعليق